“كتاب اللاطمأنينة” ليس بكتاب بالمعنى العادي للكلمة. لقد أنجز فرناندو بيسوا هذا الشيء الرائع المتمثل في كشف الكلام الفلسفي بالتقريب، كي يقيم في طيته كرجل عادي، بل بوسعنا أن نقول كإنسان معين، إنسان يكتب لمدة سنوات هذه اليوميات، ولا ينشر منها شيئاً، أو بعض الشيء، وعلى هذا النحو ويوماً تلو آخر، يجمع رأسمال ذا قيمة لا تصدق، لا يقاس القياس الشائع في النظام المعمول به في الأدب. سيقول ذلك الإنسان، ودائماً في تلك الوثائق، وثائق ألم الوجود في العالم، بفغور مفتوح كالجرح: “الكتابة، بالنسبة إلي، تعني أن أهين نفسي، لكن ليس بمستطاعي الإمساك عنها. الكتابة كالمخدر الذي أشمئز منه، ومع ذلك أتناوله، كالمنكر الذي أحتقر ولكنني أنغمس فيه”.
إلى المهدي أخريف يعود شرف التعهد بترجمة “كتاب اللاطمأنينة” وإنجازها الجيد، مقابل مجهود صبور استأثر بكل نشاطه لمدة شهور وشهور. وههنا أريد أن أعرب له عن إعجابي، كما أعبر له عن شكراني إن صح القول، لأنه بعمله هذا يحقق توقاً رُعي بعناية زمناً طويلاً.
سيبقى العمل الرائع الذي أنجزه المهدي، وتبقى اللاطمأنينة إلى نهاية الأزمنة.
إدمون عمران المليح
There are no reviews yet.